مساعي سعودية أمريكية لإنهاء حرب أوكرانيا- حل سلمي وتحديد مصير

المؤلف: علي محمد الحازمي10.03.2025
مساعي سعودية أمريكية لإنهاء حرب أوكرانيا- حل سلمي وتحديد مصير

في خطوة حاسمة نحو إحلال السلام، اتفقت كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وروسيا في وقت سابق على وضع تصور مشترك لتسوية شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب الدائرة، وذلك خلال اجتماع رفيع المستوى عُقد في العاصمة السعودية الرياض. واليوم، تتواصل الجهود الدبلوماسية المكثفة حيث تستضيف السعودية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، جولة مفاوضات أخرى حاسمة مع الجانب الأوكراني، يمكن اعتبارها منعطفاً تاريخياً لتحديد مصير البلاد. يولي القادة السعوديون والأمريكيون اهتماماً بالغاً بالتوصل إلى اتفاقيات لوقف إطلاق النار وتحقيق حل سلمي مستدام لهذا النزاع المرير، الذي طال أمده لأكثر من ثلاث سنوات، وذلك من خلال مساعٍ دبلوماسية حثيثة ترمي إلى تهدئة الأوضاع وإنهاء هذا الصراع المأساوي.

ممّا لا شك فيه أن هذه الحرب قد فاقمت بشكل كبير التوترات الجيوسياسية المعقدة بين روسيا والدول الغربية، الأمر الذي أدى إلى تراجع ملحوظ في توقعات النمو العالمي في ظل حالة من الضبابية الشديدة التي خيمت على الأجواء طوال سنوات الحرب المستمرة. كما كشفت هذه الأزمة عن نقاط ضعف جمة في سلاسل التوريد العالمية، مما أحدث صدمات تجارية كبيرة في إمدادات الطاقة وأسعار المواد الغذائية الأساسية، وهو ما انعكس بدوره على ارتفاع معدلات التضخم العالمية في العديد من الدول. وقد أفضى كل ذلك إلى تأثيرات سلبية جمة على الدخل القومي والتجارة الدولية، فضلاً عن تدهور ملحوظ في رفاهية الاقتصاد العالمي ككل.

في خضم هذه الأوضاع المتأزمة، تتبلور مدرستان فكريتان متباينتان حول الآثار المحتملة للحرب. فالمدرسة الأولى، التي يُطلق عليها اسم «تجديد الحرب»، ترى أن الحرب قد تنطوي على جوانب إيجابية، حيث يمكن أن تؤدي إلى إضعاف نفوذ بعض المصالح الخاصة، وتحفيز الابتكار، وتحسين الكفاءة الاقتصادية من خلال تعزيز رأس المال البشري. وعلى النقيض من ذلك، ترى مدرسة «أنقاض الحرب» أن الحرب هي حدث مدمر بطبيعته ولا تحمل أي فوائد اقتصادية على الإطلاق. وهذا يعني أن الصراعات الجيوسياسية غالباً ما تتسبب في آثار اقتصادية سلبية تمتد لتطال دولاً أخرى ليست طرفاً في الصراع، خاصة إذا كانت الدول المتنازعة تمثل شركاء تجاريين هامين لتلك الدول.

لقد أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى استنزاف الموارد الاقتصادية لكلا الدولتين بشكل ملحوظ. فقد فرضت هذه الحرب أعباءً ثقيلة عليهما، تجسدت في ارتفاع معدلات التضخم، وانهيار القطاع الخاص، والنقص الحاد في المنتجات الاستهلاكية والسلع الأساسية الضرورية. وتشير جميع المؤشرات إلى أن كلا الاقتصادين يسيران على طريق الركود التضخمي، وهي حالة تنتج عادة عن اجتماع علتين اقتصاديتين مزمنتين، هما ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي إلى مستويات قريبة من الصفر.

اليوم، يقف الرئيسان الروسي والأوكراني أمام فرصة تاريخية سانحة ومرحلة بالغة الأهمية لتحديد مصير شعبيهما. ويتعين عليهما اتخاذ قرار شجاع يضع حداً لإراقة الدماء والمعاناة الإنسانية، أو الاستمرار في هذه الحرب التي لا يبدو أن لها نهاية في الأفق. والتاريخ يزخر بالأمثلة والعبر؛ فبعد الحرب العالمية الثانية، شهد العالم العديد من النزاعات الدولية التي لم تنتهِ بانتصار طرف على آخر، بل تم التوصل إلى حلول دبلوماسية عادلة أدت إلى نزع فتيل تلك الحروب وإنهاء الصراعات.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة